خيانة
لم يغادرا بعضيهما لأكثر من خمسين سنة .في الحفلات الخاصة , والأماكن العمومية وحدائق المدينة
الممتدة داخل عمرهما المديد, لم يشاهدا الا معا , في التحام شبيه بالولادة من جديد .
داخل المقاهي وأماكن السمريتوقف الرقص ليشرعا معا في فلكلورهما الخاص.
وكما دائما يلجان بيتهما في حضن غد جديد , سيسافران عبره الى أقاصي اللذ ة والمرح والوفاء. خمسين سنة لا تنقضي أبدا في هكذا حب .. لن تيأس من صحبته..عمر وحب .
عمر المحبين وان طال حتما سيتوقف ..لكن ماذا عن الحب ...؟ أيصبح خيانة ..
حتى العتبات الأخيرة استمتعا معا برحلة الرقص والوفاء .
كعادتهما ولجا المقهى الأصغر من عمر حبهما , رقصا من جديد , وأضافا قبلا جديدة الى ترسانة قبلهم , استمتعا الى حدود الاستنفاد , وفي الليل ضمهما سرير العمر والحب , احتضنا كما لوحة اشراقية صوفية , وناما .
في الصبح اخترقت الشمس الأبدية سكون المحبين , تنبهت العجوز لتلصص الشمس فأسدلت الستائرعلى نوم زوجها الدافئ, شرعت في انجاز فطور محب ونادت بغنج مصطنع *حبيبي* لكنه ظل نائما ,ولأنها فكرت أنه متعب من ليل حبهما الطويل ..لم تكررها مجددا , تركته يستريح ليعد نفسه لليل جديد .
الأن منتصف النهار , الشمس لا تخفي ملامحها المتلصصة , تنظر بوقاحة الى العاشقين , وبدلال أنثى /أم نادت صغيرها النائم , العجوز نادت العجوز المتمدد دون حراك *حبيبي كفاك نوم *, وأرسلت ضحكة بعرض السماوات , لكنه لم يجب .
ضحكتها لم تمر يوما دون مدحها أمامه . أتراه مل ؟.
اقتربت وفي النفس شئ يشبه بداية حزن أو صراخ أو موت بطيئ.
حركته , لم يتحرك . صاحت *لقد خنتني *.
في المقبرة وأمام المعزين من الأقارب ..أما الأبناء فلقد كان ابنها الوحيد , وكانت ابنته الوحيدة , لكنه تركها وانصرف ..
في المقبرة وباقي أيامها الوحيدة القليلة لم تتوقف عن قول *لقد خنتني *.
أيمكن أن يكون قد خانها حقا ؟ اي المواثيق خان .
لقد خنتني تقولها وتبكي المرحوم .من خان بالتحديد ؟ ان القولة تحمل لبسا عظيم , الزوج هو من خان , أم أنه الموت الذي لاتعرفه , أم تلك الليلة الأخيرة , أم أشياء لا تعرفها الا العجوز ؟؟؟؟؟
بعد أيام لحقت به, وكما دائما - وان لم أرهما - سيكونان مع بعض , وفي غرفة نعيمهما سيحضنان نفسيهما من جديد , وهناك ليس للخيانة وجود.
أثناء موتها أخرجت صندوق الأسرارالقديم ,وجدت فيه ورقة مذيلة بتوقيع الزوجين وكتب فيها تعهدما بألا يغادرا بعضيهما حتى في الموت .
اذن تلك هي الخيانة ...لكن الموت سلطان الجميع.